الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية منتصر الحيزم..المعلم الذي عارض إضراب الآلاف: تعرضت للضغط لكن مصالح أبناء تونس أهم

نشر في  03 جوان 2015  (12:50)

معطيات النقابة ليست دقيقة.. وأرقام الاضراب الحقيقية أقل من ذلك

أقولي لزملائي: انظروا الى حال الأولياء وبدّدوا حيرتهم

قررت الهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الأساسي تنفيذ إضراب إداري قاطعت من خلاله امتحانات الثلاثي الثالث بجميع المدارس الابتدائية، وكذلك مناظرة الالتحاق بالمعاهد الإعداديّة النموذجية، معلنة رفضها بإدراج مطالب المعلمين في إطار المفاوضات الاجتماعية 2015-2016.  
قرار أبدى أستاذ المدرسة الابتدائية بالمنستير ومدرب التنمية البشرية المختص في التفوق الدراسي منتصر الحيزم رفضه القاطع له وتمسكه بإجراء امتحانات الثلاثي الأخير لأبنائه التلامذة «حتى لا ينغص عليهم فرحتهم ويخذلهم رغم تعرضه للمضايقات والضغوطات»، ولأن هذا الأستاذ « القدوة» أعاد لذاكرتنا مثالا كدنا ننساه وهو «قف للمعلم وفه التبجيل كاد المعلم أن يكون رسولا»، لذلك ارتأت أخبار الجمهورية كعربون تقدير وتثمين لقراره الاتصال به لإجراء هذا الحوار الثري الذي كشف من خلاله عدة معطيات هامة تجدونها كالتالي..

- أعلنت قرارك بمقاطعتك إضراب نقابة المعلمين وتمسكك بإجراء الامتحانات، فما هي أبرز دوافع ذلك؟
نعم، لقد قاطعت إضراب المعلمين منذ يومه الأول ثم واصلت في نفس هذا النهج حيث لم أستجب لطلب النقابة العامة للتعليم الأساسي بمقاطعة الإمتحانات وأعلنت عن ذلك عديد المرات على صفحتي الشخصية بالفايسبوك ورغم بعض الاستفزازات من أسماء مستعارة و المحاولات للتأثير عليّ، إلا أنني كنت مصرا على التشبث بموقفي وبقراري فقد وعدت تلاميذي بإجراء الامتحانات.
 وكنت فعلا عند وعدي فأنا بطبعي أعشق مهنتي وقد تعبت كثيرا وضحيت من أجل تحسين مستوى التلاميذ الذين يحبونني كثيرا وهم متعلقون بي ويجدون متعة كبيرة في متابعة دروسي داخل الفصل.
- ما هو تقييمك لإضراب نقابة المعلمين وكيف ترى انعكاسات ذلك على المنظومة التعليمية وعلى التلاميذ؟
أنا رفضت المشاركة في الإضراب عن قناعة، ولكنني في المقابل أحترم مواقف زملائي المربين المضربين فكل منا حرّ في موقفه وفي وجهة نظره ولا أعتقد أن المعطيات التي صرحت بها النقابة فيما يخص نسب المضربين دقيقة بل هي أقل من ذلك، ولئن كان الهدف من الإضراب تحقيق مكاسب مهنية في الظاهر إلا أنها بالأساس مكاسب مادية.
وفي نظري الشخصي الوضعية الراهنة للبلاد لا تسمح حاليا بهذه المطالب المادية المجحفة فعدد المعلمين يبلغ قرابة 70 ألف معلم وهو ما لا يسمح بالاستجابة للمطالب المادية في الوقت الراهن، أما فيما يخص إصلاح المنظومة التربوية فقد انطلقت المنابر و جلسات الحوار مركزيا وجهويا وقد صرح وزير التربية بأنها بلغت أكثر من 5000 منبر وليس من المنطقي أن يتم الإصلاح في وقت قصير بل يتطلب مزيدا من الوقت، فالمنظومة التربوية في طريقها نحو الإصلاح لكن يتطلب الأمر بعضا من الصبر والتفهم وتغليب مصلحة الوطن وأبنائنا التلاميذ على المصالح الشخصية.
- ما هي الرسالة التي تريد توجيهها إلى زملائك المقاطعين للامتحانات؟
أدعوهم إلى تأجيل مطالبهم إلى ما بعد اختتام الموسم الدراسي خصوصا حين يلاحظون أن بعض المدرسين شرعوا في إجراء الامتحانات وسط فرحة أبنائهم التلاميذ، فلينظروا إلى حالة العائلات التونسية وحيرة الآباء والأمهات وخوفهم على مستقبل أبنائهم وأنا وإن كنت أحترم مواقف زملائي فإنّني أرى أنّ الوقت غير مناسب فلنكن يدا واحدة لإنجاح هذا الموسم الدراسي. و هذا ليس تقرّبا من وزير التربية كما اتهمني بذلك البعض بل حبا في وطننا وفي رسالتنا التربوية النبيلة التي تقتضي منا التضحية والابتعاد عن الأنانية.
- هل تعتبر أن هذه الإضرابات ستكون لها انعكاسات سلبية على التلاميذ خاصة منهم أبناء المناطق المهمّشة والطبقات الفقيرة؟
هذه الإضرابات ولو كان هدفها إصلاح المنظومة التربوية وتحسين وضعية المعلم المعنوية والمادية مما سينعكس حتما بالإيجاب على عمل المدرسين، إلا أنني اعتقد شخصيا أنها أثرت سلبا على نفسية التلاميذ فانا أعمل في مدرسة تقع في منطقة ريفية وقد لاحظت اضطراب عدد هام من التلاميذ الذين لم يجتازوا الامتحانات في حين كان تلاميذي سعداء بشروعهم في الاختبارات الشفوية.
 كما تحدثت مع بعض الأولياء الذين عبروا لي عن تخوفهم من مستقبل أبنائهم وبعضهم من العائلات ضعيفة الدخل لكنهم مصرون على تدريسهم حتى يصبحوا أفضل منهم، وهذا ما يطمح إليه كل وليّ رغم الصعوبات العديدة التي تعترضهم.
- ماهو تعليقك بخصوص المطالب التي ينادي بها المعلمون؟
رغم أنّ مطالبهم التي ضمنت في نص البيان الذي اصدرته نقابة التعليم الأساسي مؤخرا مشروعة ومن حق كل مرب أن يطالب بتحسين وضعيته بما من شأنه أن ينعكس بالإيجاب على مردوده المهني، إلاّ أنّ بعض المطالب المادية تتطلب بعضا من الوقت لمزيد دراستها وهذا موقفي الشخصي وقد يعارضني فيه البعض ولكن لكل منا رأيه والاختلاف في الرأي لا يفسد للودّ قضية، فقط بعض الصبر لا غير.
كما استغل هذه الفرصة لأذكر النقابة أنها لم تدرج مطالب أساتذة المدارس الإبتدائية وقد عبر لي عدد من الزملاء عن استيائهم من تجاهل النقابة لهم رغم أنهم يمثلون قرابة الثلث من العدد الجملي للمعلمين..
- رأيك في تعاطي وزارة التربية مع الإضراب المذكور؟
في رأيي الشخصي وزارة التربية إلى حد الآن متشبثة بموقفها وقد أعلنت عديد المرات عن موافقتها على عدد هام من مطالب المعلمين لكن بالمقابل أشارت إلى أن بعض المطالب المادية هي في طور الدراسة وتتطلب بعض الوقت وقد تتم الموافقة عليها لاحقا، ومقابل ذلك نلاحظ تشبث النقابة أيضا بجميع المطالب وأعتقد أن الحل يكمن في تدخل بعض الأطراف الأخرى لإيقاف هذا الصراع الذي لن يخدم مصلحة أي طرف كان.
- كلمة يريد المربي منتصر الحيزم إضافتها؟
شكرا لصحيفة أخبار الجمهورية على تخصيص هذا الحيز لمحاورتي، وأنا كإطار تربوي و رغم كل ما تعرضت له من مظالم إدارية أثرت سلبا على وضعيتي الصحية والمهنية رفضت مغادرة هذا الميدان، لأنني أعشق مهنتي ولن أتراجع عن التعبير عن مواقفي وسأتشبث بمبادئي التي تربيت عليها فلي رسالة تربوية يجب أن أؤديها على الوجه الأكمل رغم صعوبتها.
وعلى بقية الزملاء والزميلات أن يؤمنوا بهذه الرسالة وعلى بعض الأولياء تفهم طبيعة عملنا، وألا ينجروا وراء العنف وأن يحترموا المربين فالمعلم كاد يكون رسولا وسيبقى كالشمعة تنير درب المتعلمين وعاشت تونس.

حاورته: منارة تليجاني